فصل: تفسير الآيات (33- 40):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان المشهور بـ «تفسير القرطبي»



.تفسير الآيات (23- 26):

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (24) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26)}
قوله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ} هم قوم صالح كذبوا الرسل ونبيهم، أو كذبوا بالآيات التي هي النذر {فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ} وندع جماعة. وقرأ أبو الأشهب وابن السميقع وأبو السمال العدوي {أبشر} بالرفع {واحد} كذلك رفع بالابتداء والخبر {نَتَّبِعُهُ}. الباقون بالنصب على معنى أنتبع بشرا منا واحدا نتبعه. وقرأ أبو السمال: {أبشر} بالرفع {منا واحدا} بالنصب، رفع {أبشر} بإضمار فعل يدل عليه {أَأُلْقِيَ} كأنه قال: أينبأ بشر منا، وقوله: {واحِداً} يجوز أن يكون حالا من المضمر في {مِنَّا} والناصب له الظرف، والتقدير أينبأ بشر كائن منا منفردا، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في {نَتَّبِعُهُ} منفردا لا ناصر له. {إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ} أي ذهاب عن الصواب {وَسُعُرٍ} أي جنون، من قولهم: ناقة مسعورة، أي كأنها من شدة نشاطها مجنونة، ذكره ابن عباس. قال الشاعر يصف ناقته:
تخال بها سعرا إذا السفر هزها ** ذميل وإيقاع من السير متعب

الذميل ضرب من سير الإبل. قال أبو عبيد: إذا ارتفع السير عن العنق قليلا فهو التزيد، فإذا ارتفع عن ذلك فهو الذميل، ثم الرسيم، يقال: ذمل يذمل ويذمل ذميلا. قال الأصمعي: ولا يذمل بعير يوما وليلة إلا مهري قاله ج.
وقال ابن عباس أيضا: السعر العذاب، وقاله الفراء. مجاهد: بعد الحق. السدي: في احتراق. قال:
أصحوت اليوم أم شاقتك هر ** ومن الحب جنون مستعر

أي متقد ومحترق. أبو عبيدة: هو جمع سعير وهو لهيب النار. والبعير المجنون يذهب كذا وكذا لما يتلهب به من الحدة. ومعنى الآية: إنا إذا لفي شقاء وعناء مما يلزمنا. قوله تعالى: {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا} أي خصص بالرسالة من بين آل ثمود وفيهم من هو أكثر مالا وأحسن حالا؟! وهو استفهام معناه الإنكار. {بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ} أي ليس كما يدعيه، وإنما يريد أن يتعاظم ويلتمس التكبر علينا من غير استحقاق. والأشر المرح والتجبر والنشاط. يقال: فرس أشر إذا كان مرحا نشيطا، قال امرؤ القيس يصف كلبا:
فيدركنا فغم داجن ** سميع بصير طلوب نكر

ألص الضروس حني الضلوع ** تبوع أريب نشيط أشر

وقيل: {أَشِرٌ} بطر. والأشر البطر، قال الشاعر:
أشرتم بلبس الخز لما لبستم ** ومن قبل ما تدرون من فتح القرى

وقد أشر بالكسر يأشر أشرا فهو أشر وأشران، وقوم أشارى مثل سكران وسكارى، قال الشاعر:
وخلت وعولا أشارى بها ** وقد أزهف الطعن أبطالها

وقيل: إنه المتعدي إلى منزلة لا يستحقها، والمعنى واحد.
وقال ابن زيد وعبد الرحمن بنحماد: الأشر الذي لا يبالي ما قال. وقرأ أبو جعفر وأبو قلابة {أشر} بفتح الشين وتشديد الراء يعني به أشرنا وأخبثنا. {سَيَعْلَمُونَ غَداً} أي سيرون العذاب يوم القيامة، أو في حال نزول العذاب بهم في الدنيا. وقرأ ابن عامر وحمزة بالتاء على أنه من قول صالح لهم على الخطاب. الباقون بالياء إخبار من الله تعالى لصالح عنهم. وقوله: {رَغَداً} على التقريب على عادة الناس في قولهم للعواقب: إن مع اليوم غدا، قال:
للموت فيها سهام غير مخطئة ** من لم يكن ميتا في اليوم مات غدا

وقال الطرماح:
ألا عللاني قبل نوح النوائح ** وقبل اضطراب النفس بين الجوانح

وقبل غد يا لهف نفسي على غد ** إذا راح أصحابي ولست برائح

وإنما أراد وقت الموت ولم يرد غدا بعينه. {مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ} وقرأ أبو قلابة {الأشر} بفتح الشين وتشديد الراء جاء به على الأصل. قال أبو حاتم: لا تكاد العرب تتكلم بالأشر والأخير إلا في ضرورة الشعر، كقول رؤبة:
بلال خير الناس وابن الأخير

وإنما يقولون هو خير قومه، وهو شر الناس، قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وقال: {فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً}. وعن أبي حيوة بفتح الشين وتخفيف الراء. وعن مجاهد وسعيد بن جبير ضم الشين والراء والتخفيف، قال النحاس: وهو معنى {الْأَشِرُ} ومثله رجل حذر وحذر.

.تفسير الآيات (27- 32):

{إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (29) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (30) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (32)}
قوله تعالى: {إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ} أي مخرجوها من الهضبة التي سألوها، فروي أن صالحا صلى ركعتين ودعا فانصدعت الصخرة التي عينوها عن سنامها، فخرجت ناقة عشراء وبراء. {فِتْنَةً لَهُمْ} أي اختبارا وهو مفعول له. {فَارْتَقِبْهُمْ} أي انتظر ما يصنعون. {وَاصْطَبِرْ} أي اصبر على أذاهم، واصل الطاء في اصطبر تاء فتحولت طاء لتكون موافقة للصاد في الاطباق. {وَنَبِّئْهُمْ}: أي أخبرهم {أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} أي بين آل ثمود وبين الناقة، لها يوم ولهم يوم، كما قال تعالى: {لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}. قال ابن عباس: كان يوم شربهم لا تشرب الناقة شيئا من الماء وتسقيهم لبنا وكانوا في نعيم، وإذا كان يوم الناقة شربت الماء كله فلم تبق لهم شيئا. وإنما قال: {بَيْنَهُمْ} لان العرب إذا أخبروا عن بني آدم مع البهائم غلبوا بني آدم.
وروى أبو الزبير عن جابر قال: لما نزلنا الحجر في مغزى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبوك، قال: «أيها الناس لا تسألوا في هذه الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث الله لهم ناقة فبعث الله عز وجل إليهم الناقة فكانت ترد من ذلك الفج فتشرب ماءهم يوم وردها ويحلبون منها مثل الذي كانوا يشربون يوم غبها» وهو معنى قوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ}. {كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} الشرب- بالكسر- الحظ من الماء، وفي المثل: آخرها أقلها شربا وأصله في سقي الإبل، لان آخرها يرد وقد نزف الحوض. ومعنى {مُحْتَضَرٌ} أي يحضره من هو له، فالناقة تحضر الماء يوم وردها، وتغيب عنهم يوم وردهم، قاله مقاتل.
وقال مجاهد: إن ثمود يحضرون الماء يوم غبها فيشربون، ويحضرون اللبن يوم وردها فيحتلبون. قوله تعالى: {فَنادَوْا صاحِبَهُمْ} يعني بالحض على عقرها {فَعَقَرَ} ها ومعنى تعاطى تناول الفعل، من قولهم: عطوت أي تناولت، ومنه قول حسان:
كلتاهما حلب العصير فعاطني ** بزجاجة أرخاهما للمفصل

قال محمد بن إسحاق: فكمن لها في أصل شجرة على طريقها فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها، ثم شد عليها بالسيف فكشف عرقوبها، فخرت ورغت رغاءه واحدة تحدر سقبها من بطنها ثم نحرها، وانطلق سقبها حتى أتى صخرة في رأس جبل فرغا ثم لاذ بها، فأتاهم صالح عليه السلام، فلما رأى الناقة قد عقرت بكى وقال: قد انتهكتم حرمة الله فأبشروا بعذاب الله. وقد مضى في الأعراف بيان هذا المعنى. قال ابن عباس: وكان الذي عقرها أحمر أزرق أشقر أكشف أقفي. ويقال في اسمه قدار بن سالف.
وقال الأفوه الأودي:
أو قبله كقدار حين تابعه ** على الغواية أقوام فقد بادوا

والعرب تسمي الجزار قدارا تشبيها بمقدار بن سالف مشئوم آل ثمود، قال مهلهل:
إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ** ضرب القدار نقيعة القدام

وذكره زهير فقال:
فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم ** كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم

يريد الحرب، فكنى عن ثمود بعاد. قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً} يريد صيحة جبريل عليه السلام، وقد مضى في هود. {فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} وقرأ الحسن وقتادة وأبو العالية {المحتظر} بفتح الظاء أرادوا الحظيرة. الباقون بالكسر أرادوا صاحب الحظيرة.
وفي الصحاح: والمحتظر الذي يعمل الحظيرة. وقرئ: {كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} فمن كسره جعله الفاعل ومن فتحة جعله المفعول به. ويقال للرجل القليل الخير: إنه لنكد الحظيرة. قال أبو عبيد: أراه سمى أمواله حظيرة لأنه حظرها عنده ومنعها، وهي فعيلة بمعنى مفعولة. المهدوي: من فتح الظاء من {المحتظر} فهو مصدر، والمعنى كهشيم الاحتظار. ويجوز أن يكون {الْمُحْتَظِرِ} هو الشجر المتخذ منه الحظيرة. قال ابن عباس: {الْمُحْتَظِرِ} هو الرجل يجعل لغنمه حظيرة بالشجر والشوك، فما سقط من ذلك وداسته الغنم فهو الهشيم. قال:
أثرن عجاجة كدخان نار ** تشب بغرقد بال هشيم

وعنه: كحشيش تأكله الغنم. وعنه أيضا: كالعظام النخرة المحترقة، وهو قول قتادة.
وقال سعيد بن جبير: هو التراب المتناثر من الحيطان في يوم ريح.
وقال سفيان الثوري: هو ما تناثر من الحظيرة إذا ضربتها بالعصا، وهو فعيل بمعنى مفعول.
وقال ابن زيد: العرب تسمي كل شيء كان رطبا فيبس هشيما. والحظر المنع، والمحتظر المفتعل يقال منه: احتظر على إبله وحظر أي جمع الشجر ووضع بعضه فوق بعض ليمنع برد الريح والسباع عن إبله، قال الشاعر:
ترى جيف المطي بجانبيه ** كأن عظامها خشب الهشيم

وعن ابن عباس: أنهم كانوا مثل القمح الذي ديس وهشم، فالمحتظر على هذا الذي يتخذ حظيرة على زرعه، والهشيم فتات السنبلة والتبن. {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}

.تفسير الآيات (33- 40):

{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (36) وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (37) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (39) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (40)}
قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ} أخبر عن قوم لوط أيضا لما كذبوا لوطا. {إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً} أي ريحا ترميهم بالحصباء وهي الحصى، قال النضر: الحاصب الحصباء في الريح.
وقال أبو عبيدة: الحاصب الحجارة.
وفي الصحاح: والحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء وكذلك الحصبة، قال لبيد:
جرت عليها أن خوت من أهلها ** أذيالها كل عصوف حصبه عصفت الريح

أي اشتدت فهي ريح عاصف وعصوف.
وقال الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام تضربنا ** بحاصب كنديف القطن منثور

{إِلَّا آلَ لُوطٍ} يعني من تبعه على دينه ولم يكن إلا بنتاه {نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ} قال الأخفش: إنما أجراه لأنه نكرة، ولو أراد سحر يوم بعينه لما أجراه، ونظيره: {اهْبِطُوا مِصْراً} لما نكره، فلما عرفه في قوله: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ} لم يجره، وكذا قال الزجاج: {بِسَحَرٍ} إذا كان نكرة يراد به سحر من الأسحار يصرف، تقول أتيته سحرا، فإذا أردت سحر يومك لم تصرفه، تقول: أتيته سحر يا هذا، واتيته بسحر. والسحر: هو ما بين آخر الليل وطلوع الفجر، وهو في كلام العرب اختلاط سواد الليل ببياض أول النهار، لان في هذا الوقت يكون مخاييل الليل ومخاييل النهار. {نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا} إنعاما منا على لوط وابنتيه، فهو نصب لأنه مفعول به. {كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} أي من آمن بالله وأطاعه. {وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ} يعني لوطا خوفهم {بَطْشَتَنا} عقوبتنا وأخذنا إياهم بالعذاب {فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ} أي شكوا فيما أنذرهم به الرسول ولم يصدقوه، وهو تفاعل من المرية. {وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ} أي أرادوا منه تمكينهم ممن كان أتاه من الملائكة في هيئة الأضياف طلبا للفاحشة على ما تقدم. يقال: راودته على، كذا مراودة وروادا أي أردته. وراد الكلا يروده رودا وريادا، وارتاده ارتيادا بمعنى أي طلبه، وفي الحديث: «إذا بال أحدكم فليرتد لبوله» أي يطلب مكانا لينا أو منحدرا. {فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ} يروى أن جبريل عليه السلام ضربهم بجناحه فعموا.
وقيل: صارت أعينهم كسائر الوجه لا يرى لها شق، كما تطمس الريح الاعلام بما تسفي عليها من التراب.
وقيل: لا، بل أعماهم الله مع صحة أبصارهم فلم يروهم. قال الضحاك: طمس الله على أبصارهم فلم يروا الرسل، فقالوا: لقد رأيناهم حين دخلوا البيت فأين ذهبوا؟ فرجعوا ولم يروهم. {فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ} أي فقلنا لهم ذوقوا، والمراد من هذا الامر الخبر، أي فأذقتهم عذابي الذي أنذرهم به لوط. {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ} أي دائم عام استقر فيهم حتى يفضي بهم إلى عذاب الآخرة. وذلك العذاب قلب قريتهم عليهم وجعل أعلاها أسفلها. و{بُكْرَةً} هنا نكرة فلذلك صرفت. {فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ} العذاب الذي نزل بهم من طمس الأعين غير العذاب الذي أهلكوا به فلذلك حسن التكرير. {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} تقدم.